الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية أيّتها الحكومة، كفاك ميوعة أمـام الإرهاب والإضـرابــات

نشر في  27 ماي 2015  (11:14)

بقلم: محمد المنصف بن مراد

كما كان متوقّعا ضرب الارهاب من جديد وسيضرب، ورغم بعض النّجاحات العسكريّة والأمنية البطوليّة، فانّ الحكومة ليست لها استراتيجيّة واضحة لأنّ أنصار من خرّبوا الدولة مازالوا في الحكم.. فالسّجون مازالت «ماكينات» إرهاب ورغم كلّ الكتابات والتصريحات لم تغيّر وزارة العدل كل المسؤولين عن السّجون ولم تفتح تحقيقا في الاتهامات الخاصّة بنشاط الارهابيين والدّعاة في السّجون ولم تغيّر القضاة الذين كلّفوا منذ سنوات بملفّ الارهاب  حتى بعد انقراض الترويكا.. أمّا حدودنا فالمهرّبون ما فتئوا يخترقونها وكبار الفاسدين يتحكّمون في الولايات وآلاف المليارات والحكومة «لا حياة لمن تنادي».
والمطلوب في ظلّ كل هذا هو تعيين جنرال من الجيش على رأس الديوانة وفصل أيّ موظّف يثبت أنّه تلقّى أموالا من المهرّبين الذين يدخلون الأموال والأسلحة، والسؤال الذي يحيّر هو: لماذا لا تتحرّك الحكومة بصرامة لقطع الطريق على كبار المهرّبين؟!

اليوم يجب تطهير القضاء والديوانة والأمن والحرس والإعلام المفضوح من كل أذناب الترويكا وإلا خسرنا الحرب ضد الارهاب! انّ مصلحة النهضة أو حزب المرزوقي ليست أهمّ من مصلحة تونس فهذان الحزبان اخترقا مفاصل الدولة لأغراض حزبيّة وخرّبا الأمن والقضاء والديوانة والحرس، ونحن لا نعلم ما فعلاه بالمؤسسة العسكريّة!
انّ الارهاب يترعرع في بلادنا،  وفي المحاضن ورياض الأطفال يتجذّر وفي المساجد ينتشر وفي الإدارات يستفحل وفي الإعلام يتفشى، وكلّ ذلك والحكومة مكتفية بالفرجة وتكاد تكون عاجزة! لقد كتبتها مرارا، انّ حكومة الحبيب الصيد ورغم التحسّن المسجّل على عدة  مستويات ليست لها الإرادة والحنكة الكافيتان لمجابهة الارهاب وكسر شوكته والتصدّي للاضطرابات، وممّا زاد الطين بلّة انّ سياسيين وحقوقيين ونوابا يتشدّقون بحقوق الانسان للدّفاع عن العنف وحماية الارهاب!
أمّا رئاسة الجمهورية فقد برهنت على انّها تتحاشى تطهير المؤسسات العموميّة من أنصار الترويكا نظرا إلى تحالف النداء مع النهضة ونظرا الى تقدّم ساكن القصر في السنّ، والذي أثبت بعد خطبه التطمينية قبل الانتخابات انّه بلا طموح ولا رؤية مستقبليّة!
مسكينة تونس! انّها في انتظار سياسات وطنيّة فولاذيّة جديدة لمكافحة الارهاب وإلا  اضطرّت أجزاء واسعة من الشعب التونسي الى انتظار أبناء حديديين وعادلين لترميم ما خلّفت الترويكا من خراب ودمار في الدولة!

وخلال لقاء جمع رئيس الجمهورية ببعض مديري الصّحف سلمت للسيد رضا بلحاج اقتراحات كتابية واضحة أعتقد أنّها فعّالة لتغيير نسبي في سياسة الحكومة، لكن يبدو انّ الأفكار الجديدة امّا لم تقرأ أو انّها أزعجت أو انّ السلطة السياسيّة تعتبر نفسها «المصدر الأوحد للأفكار»!
ولو  واصلت الحكومة والرئاسة التمشي نفسه وتملصتا من تطهير الدولة وشنّ حرب على الارهاب والتصدّي لتسونامي الاضرابات فستتحمّلان وحدهما  مسؤوليّة الكوارث القادمة والتي سيدفع ثمنها الشعب التونسي!
أمّا على صعيد الاضرابات فلا يكاد يمرّ أسبوع دون أن يصدم المواطن التونسي بإضراب أو اضرابات جديدة فضلا عن الاعتصامات للمطالبة بالزيادات في الأجور والامتيازات والحال انّ الخزينة التونسية شبه فارغة..
انّ التحرّكات تزداد عنفا وتدميرا يوما بعد يوم وأصحاب القرار يواجهونها بسلبيّة غريبة.. لقد ملّ التونسيون الاضرابات سواء كانت في التعليم أو الصحّة أو النقل أو غيرها من القطاعات، كما سئموا الاعتصامات أمام الوزارات ومقرات الولايات وحتى أمام المعامل التي تشهد أيضا وقفات احتجاجيّة،   هذا بصرف النظر عن «تراجيديا» شركة فسفاط قفصة!
لقد سمحت الترويكا للفوضى بالانتشار لعلها تخترق مفاصل الدولة بفضل أنصارها الجهلة! ثمّ تكرّست في بلادنا «ثقافة» الاضطرابات القانونية وحتى العشوائيّة حتى أصبحنا شعبا لا يعمل وينتظر من الحكومة الترفيع في الأجور والمزيد من الامتيازات وبذلك انهارت أكثر من مؤسّسة تونسيّة وأجنبيّة، وأغلب التونسيين يشاهدون اغراق البلاد والتداين المفرط لإرضاء الأجراء الذين يعملون أو حتى لا يعملون!
ان الاضرابات في الظروف الحالية مضرّة بالبلاد ومستقبلها لأنّها أصبحت ملهاة وضربا من العطلة تتمتّع به المجموعات التي تضرب وتتقاضى أجورا لا تستحقها، مع الإشارة الى انّي أساند رئيس الحكومة عندما صرّح انّ الدولة ستخصم من الأجور مقابل أيام الاضراب، سواء كان الاضراب قانونيا أم لا.
انّي أتفهّم الاحتجاجات والاضرابات خاصّة بالنسبة الى ضعفاء الحال لكن لا يمكن للحكومة بناء منزل لكل من يفتقده أو اقرار زيادات في الأجور ما لم تفرض العدالة الجبائيّة على المتهرّبين والمقدرة بـ10.000 مليار وأيضا على كبار المهرّبين الذين يتحكّمون في نصف الاقتصاد التونسي ولا يدفعون مليما واحدا لوزارة المالية! وهم معروفون على الصّعيد الوطني وعلى مستوى الولايات!
لقد ساءت الأحوال الى حدّ لم يعد يطاق، لذلك لابدّ من تحجير الوقفات الاحتجاجيّة امام المعامل والمؤسسات، فهذه الوقفات تمنع حرية العمل وتهين المسوؤلين ورجال الأعمال وتضرّ بالاقتصاد!

انّنا بحاجة إلى حكومة قوية وعادلة تحمي الحريات وفي الآن نفسه تفرض الانضباط، حكومة مقرّة العزم على انهاء مسلسل الميوعة وقبول مطالب وشروط كل من أضربوا أو أشلّوا حركة المرور! كما نحن في حاجة لمراجعة منوال التنمية والاهتمام بالولايات المقصاة من النمو وتحسين الأجور شريطة ربطها بالانتاجية وتحديد أدنى جراية في تونس بـ800 دينار إذا تحسّنت الانتاجيّة بـ5 نقاط وذلك بعد سنوات قليلة.
تونس اليوم في خطر ولا فائدة من الكلام المعسول والمواقف الحكومية المخجلة بضعفها! وعلى العموم، بإمكان أصحاب النّفوذ والمال ـ وفي حال احتداد الأزمة ـ الفرار من تونس والاستقرار بالخارج، وطبعا سيدفع الشعب ثمن الأخطاء الفادحة..